دائما ما يدور في ذهني سؤال لم أجد له إجابة حتى لحظة كتابة هذه السطور، لماذا اللاعب المصري صاحب المهارات والفكر الكروي غير منضبط سلوكيا ودائما ما ينصرف ذهنه عما يعمل ويجيد فيه..؟! لماذا كتب علينا ألا تكتمل فرحتنا وكأن الذي كتب علينا هو الحزن وعناء التفكير فيما يحدث لنا ممن حولنا؟!..
اسأل هذا السؤال الآن وأتوق بشدة لأن أجد له إجابة بعدما حدث من تداعيات هروب حارس إفريقيا الأول وأفضل حارس عربي "الكابتن" عصام الحضري، الحارس الذي أطلق عليه الشارع المصري والعربي لقب الحارس "الأمين".
فأي أمانة هذه التي يتكلم عنها البعض بعدما حدث؟!!.. فالذي حدث لا يمكن أن يمر مرور الكرام، لان هذه الحادثة تهدد كيان الكرة العربية عامة والمصرية خاصة، فإذا كان اللاعب لم يجيد التعامل مع الأمر، فانه كان من باب أولي الخروج بشكل يكمل صورته الجميلة لدي الجمهور.
الذي لا يعرفه الكثيرون - ولا اعتقد أن الحضري نفسه عمل له حساب قبل الهروب - أن ناديه الذي صنعه وصنعته جماهيره سيعاني معاناة لم يسبق له أن واجهها في تاريخه العريق، فهذا النادي صاحب الانجازات والبطولات التي لا تعد ولا تحصي، سيلعب باقي مبارياته المحلية والقارية بحارسين فقط هما أمير عبد الحميد والناشئ احمد عادل عبد المنعم.
وإذا حدث لا قدر الله وأصيب أمير الذي هو بمثابة الحارس الأول الآن، فماذا سيفعل الفريق طوال المشوار الإفريقي الذي لم يبدأ بعد - إذا افترضنا أن الدوري قد حسمه الأهلي نظريا..؟!.. وإصابة الحارس واردة في أي توقيت حتى لو كانت "نزلة برد"، فهو أولا وأخيرا بشر وليس قطعة شطرنج صماء.
وللأسف فإن اغلب لاعبينا ممن تثور حولهم الآراء والأقاويل غير مكتملي الثقافة بسبب عدم إكمال اغلبهم لدراستهم، فأصبحت المادة والشهرة والخروج عن المألوف هو كل شغلهم الشاغل، وأنا لست ضد هذا الاتجاه ولكن إذا كان ناديه مقصرا ولا يقدره ويعطيه حقه وهذه الجزئية مستبعدة في قضية الحضري.
والآن ماذا تساوي يا حضري بعد أن وصفك جمهورك الذي طالما تغني باسمك – وصفك بالخائن – فأي تأمين لمستقبلك هذا الذي تتحدث عنه؟!!.. فأنت لاعب مدلل والصغير يعرف قبل الكبير أن راتبك الذي تتحصل عليه لا يأخذه أي حارس في مصر وهناك لاعبين وليسوا حراس مرمي يتمنون نصف ما تأخذه.
هذا بجانب الامتيازات التي تحصل عليها بعد كل فوز سواء لناديك أو منتخب مصر الوطني، وهي تعتبر من اكبر المكافآت التشجيعية للاعبي الكرة علي المستوي العربي، فأي تأمين لمستقبلك تريد أن تقنعنا به وأنت تبيع أحضان نادي البطولات وترتمي في براثن نادي يترنح مابين السقوط والبقاء في الدوري السويسري..؟
لقد جعلت المشهد الجميل والرائع الذي كانت عليه مصر بعد فوز منتخبها الوطني بأمم إفريقيا – مشهدا حزينا لا يصدق، وكأن كابوس قد حل علينا في ليلة فرح، لقد جعلت خبر هروبك هذا هو المادة التي تتناقلها وكالات الأنباء وهو ما يضر بسمعة مصر في جميع المحافل.
أخيرا، أنا لست ضد احتراف وتطوير لاعبينا سواء ماديا أو فنيا، ولكن لاعبنا لا يعرف كيف يسير وفق الشروط التي يعرفها العالم إلا نحن، لاعبنا دائما ما يريد أن يسير وفق مبدأ "خالف تعرف"، فلماذا هذا السلوك الغريب؟.. ولماذا التصرف غير الحكيم دائما ما يسيطر علي لاعبينا؟.. إنها ليست مسألة لاعب أراد أن يؤمن مستقبله .. فالقضية اكبر من ذلك.
سؤال أخير يا كابتن عصام .. هل تعرف الفرق بينك وبين محمد عبد الوهاب رحمه الله حينما أعطي الأهلي "كلمة شرف" وظل عليها إلي أن وافته المنية واختاره الله؟؟